موضوع: الأسباب والكيف في حب مصر وقت الصيف! 5th مايو 2008, 12:23 am
الأسباب والكيف في حب مصر وقت الصيف!
أعطني ألف سبب وسبب لحب مصر وقت الصيف، قل إن رأسك صارت مستعمرة للحشرات الضارة التي لا تفر ولا تهرب إلا بعد ضربة شمس مركزة، قل إنك مصاب بداء الحصبة وتريد أن تتعرض إلى شمس الظهيرة في قلب أغسطس حتى تتخلص من حياتك، قل إنك تعاني من مرض مصري أصيل اسمه "زنق وخش" وإن روحك تبتهج وتتنسم أريج الزهور وأنت محشور في قلب المترو أو الأتوبيس في أحد نهارات صيف مصر شديدة الحرارة، قل حتى إنك تحب صيف مصر لأنه يدفعك إلى العودة إلى الجذور والالتحام بطين وطمي الأرض عندما تلقي بنفسك من أعلى الكوبري في أعمق أعماق النيل بحثا عن طراوة تفتقدها، قل أي شيء من هذا، أو افتكس أي أسباب أخرى تتماس مع الجنون وفنونه، لكن أرجوك أتوسل إليك أحب على إيدك، لا تفعل مثلما فعلوا، ولا تقل مثلما قالوا، ولا تتفاخر مثلما تفاخروا، وهم يثرثرون في بلاهة عبر شاشات التليفزيون وأثير الإذاعات، بأنهم يحبون الصيف في مصر لأنهم "سيلعبون الجولف وسيذهبون إلى SPA وسيرقصون الحلزونة مع النافورة الراقصة الشقية"!
نحكي من جديد عن الإعلانات التي تتحدث عن المصريين الذين لا يسكنون مصر، وعن مصر التي لا يسكنها المصريون، نحكي من جديد عن المادة الخام للاستفزاز، وكل هذا البنزين والجاز والغاز الطبيعي الذي يتم توصيله لقطاع ضخم من المصريين الغلابة الساكنين في بيوتهم -راضين بالهم وهو طبعا مش راضي بيهم-، في خدمة جليلة من أجل أن يقوموا بالتوليع في أنفسهم بيسر وسهولة من يبحث عن عود كبريت وهو في قلب محطة بنزين!
قد يبدو سخيفا أن نعيد الكلام من جديد، وأن نسأل عن "جبلة" هؤلاء الناس، الذين يعلنون عن منتجعات لا بد أن يبدأ اسمها بـ"بورتو" وفيها ما لذ وطاب من مشتقات الرفاهية المعاصرة التي تقدم لسكان الكواكب الأخرى، لكن التكرار يفيد الشطار أحيانا، والأسئلة لاتزال كما هي دون إجابة "لماذا يعلنون عن هذه المنتجعات في التليفزيونات والإذاعات التي يشاهدها ويسمعها سكان مصر الأصليون الذين تقف حدود الرفاهية لديهم عند حصولهم على رغيف عيش ساخن، ولا يفهمون في المتعة أكثر من تلك التي يمنحها لهم الريموت كنترول وهم يقلبون بين روتانا وميلودي، ولا يعرفون من الراحة شيئا أكثر من الاسترخاء على الكنبة الأسيوطي ساعة عصاري في البلكونة؟"، ولماذا لا تقتصر مثل هذه الإعلانات "الفوقية" التي تخاطب شريحة محددة صغيرة جدا في المجتمع المصري على الوسائط التي تخص هؤلاء، حملات إعلانية في النوادي مثلا، أو حملات مشابهة تصل إليهم في البيوت ومقار عملهم، أو حتى في المنتجعات السياحية الموازية، خاصة وأنه أكيد ومؤكد ومستأكد أن الذي سينتقل للإقامة في بورتو سخنة هو ذلك الذي يقيم في بورتو باردة، وأن الذي لم تعجبه حفر ملاعب الجولف لأنها "غير عاطفية" هنا هو الذي سيذهب إلى هناك لأن الحفر قد صارت أكثر شاعرية، وأن من أصابته الساونا بحساسية في ذلك المنتجع لأن درجة حرارتها مرتفعة قليلا هو الذي سيهرول بـ"بشكيره" إلى المنتجع الآخر لأنهم هناك توصلوا إلى اختراع يجعل حرارة المياه كحرارة المياه التي تهبط من شلالات نياجرا، وأيضا لأنه وارد أن تصبح مصر دولة ديمقراطية بجد لكنه ليس واردا أبدا أن واحدا من من ناسها المغروسين في حواريها وقراها ومدنها الفقيرة قد يذهب إلى مثل هذه المنتجعات مضحيا بأسبوع- شراكة مع الجيران- في "جمصة" أو "بلطيم".
أقول هذا وأنا مقتنع تماما بأن من حق أي ثري في هذا البلد أن يستمتع بفلوسه، وأنه من حق أي مستثمر أن يصنع العجايب من أجل أن يشد رجل الزبون، وأقوله وأنا مقتنع أيضا بأن "منع استفزاز البشر" حق دستوري، وأن المحافظة على مشاعر الملايين وعدم جرح كرامتهم أو إشعارهم بأنهم "هاموش" في هذا الوطن "حق قانوني وإنساني"، وإن "الغاوي ينقط بطاقيته" لكن في منطقته وحتته وعليه ألا يتخطى ذلك أبدا لأن عواقب ذلك مرعبة والناس روحها في مناخيرها ووقت الجد كله هيفلسع ولن يحمي هذه المنتجعات أو أصحابها من غضبة أو ثورة لا حفرة في ملعب الجولف ولا شاور في الساونا!
اللطيف أن هذا الإعلان الذي يثرثر فيه البعض عن حبهم للصيف في مصر لأنهم يذهبون فيه إلى "بورتو حاجة"، لا يكتفي بحرق دم الغلابة وإثارة كل نواقص النفس البشرية في داخلهم، وإنما "يشتغل" الأثرياء أيضا، فالحديث عن "أول نافورة راقصة في الشرق الأوسط" خدعة كبيرة، لأن النافورة اللي بترقص موجودة سيادتك في الكويت والرياض وحلب كمان! مش اختراع يعني، كما أن الـSPA "وهو تقريبا نسخة متطورة من الساونا والجاكوزي بعد أن صارا بلدي ومرطرطين في كل حتة" موجود في كل المنتجعات المصرية المشابهة فمش قصة يعني، أما ملاعب الجولف.. فأنت لست في حاجة للذهاب إلى "بورتو حاجة" وهي موجودة في القاهرة الآن بكثافة أكبر من كثافة مراكز الشباب! بصراحة هذه عدالة شعرية.. الإعلان يستفز الفقراء ويشعرهم بأنهم مش عايشين أساسا، ويخدع الأغنياء ويسلب منهم أموالهم في خفة النشالين المحترفين.. لكن-برضه- يظل وجع الكرامة أشد كثيرا من وجع الجيب!
سهر الليالي
موضوع: رد: الأسباب والكيف في حب مصر وقت الصيف! 8th مايو 2008, 3:29 pm
السلام عليكم
الله يديم النعم على العرب اجمع شكرا على الموضوع تحياتي سهر
يالله انها 5 سنيين من الحزن و العذاب فــاجــعـــل هـــذه السنـــــة هي السنة الاخيــــره