• اختلاف الناس في القلق :
يظهر الناس متفاوتين في قلقهم وشدته في ظروف تضمهم معا 0 فهل هذا يعني أن بين الناس من يكون استعداده للقلق أكثر من استعداد غيره ؟
إن القلق شعور بالتهديد ، وهو من هذه الناحية مرتبط بإدراك الفرد للحالة التي تنطوي على التهديد وبخبرته السابقة ، كما يرتبط بشعور الفرد بقوته 0 لهذا نلاحظ في عدد من الظروف وجود قلق لدى الطفل لا يوجد ما يشبهه عند الراشد الموجود معه 0 ونلاحظ أحيانا وجود قلق عند الراشد لا يوجد مثله لدى الطفل 0 وتفسير ذلك أن في الحالة الأولى يكون الراشد شاعرا بقوته 0 وأما في الثانية فمرد ذلك إلى قدرة الراشد على إدراك ما لا يستطيع الطفل إدراكه 0 ويضاف إلى ذلك أن بناء الجسد من جهة ، والظروف المحيطة الخاصة التي يمر بها الفرد من جهة أخرى ، تعمل في إيجاد فروق من حيث قابلية الأفراد للقلق 0
وبصورة عامة ، وبغض النظر عن العمر والجنس ، فإن الأشخاص الذين تكون ثقتهم بأنفسهم قوية وقائمة على خبرة واسعة ، ويكونون أقوياء ومحبوبون ، يكون مدى بعدهم عن القلق أوسع من مدى الذين تكون ثقتهم بأنفسهم ضعيفة ويكونون غير محبوبين 0
اقتباس:
• القلق والعصبية والهم :
هناك حالات بسيطة من القلق كثيرا ما تظهر في حياتنا اليومية ، ونطلق عليها أسماء من نوع ( العصبية Nervousness ) و ( الهم ) أو ( الضيق ) Worry
فالعصبية : قلق خفيف ، والعصبي ، كثير الحركة ، كثير التخيل ، سريع الانفعال ، وبخاصة أمام ما هو مفاجئ ، وكثيرا ما يُلاحظ وهو يحاول الانشغال بحركات لا معنى لها 0 كذلك يغلب عليه كثرة الشكوى ، وسرعة التعب ، وكثرة التردد 0 والغالب في العصبية أن تكون نتيجة صراع أو صراعات لم تحل 0 وقد تبقى الصراعات عميقة الجذور من غير حل ، وبذلك يطول بقاء العصبية وتتوافر الفرص أمامها للتطور باتجاه التعقيد 0
أما الهم : فهو قلق خفيف كذلك ، إلا أن له بعض المظاهر الخاصة به 0 فالمهموم يظهر منعطفا نحو نفسه في بحثه عن المخرج أكثر مما يظهر العصبي 0 ويظهر ضغط الصعوبات عليه أكثر مما يظهر لدى العصبي 0 كذلك يظهر أن نفوذ الكبت وتأثيره أقوى في حالته ، وقد تطول فترة الهم وقد تقصر ، فإذا أمكن الوصول إلى مسالك للتفريغ مناسبة ، كان ذلك مساعدا على قصر الفترة ، وإن تعقدت مسائل التفريغ وصعب وصول الفرج تهيأت الفرص لمزيد من الهم ومزيد من التعقيد 0
• القلق وقوة الدافع :
إن للقلق وظيفة خاصة يقوم بها أحيانا وهي وظيفة الدافع التي يشترك فيها مع كل توتر انفعالي 0 فقد يدفع القلق الناجم عن أخطار التقصير في التكيف مع شروط بيئية اجتماعية جديدة إلى المزيد من الجهد من أجل انجاز تكيف مناسب ، وكثيرا ما يدفع القلق إلى المزيد من التروي قبل الإقدام على المعركة ، كما يدفع أحيانا إلى الانسحاب قبل ظهور نتائجها الواقعية 0
لقد أثار القلق اهتماما خاصا لدى كير كيجارد Kierkegaard أحد أعلام الحركة الوجودية من حيث هو دافع إلى الإنجاز والإبداع ، ويرى كير كيجارد أن القلق الخلقي موجود منذ عصيان آدم عليه السلام ربّه ، ولكنه لا يتضح لدى الفرد إلا بعد ارتكاب الفرد إثما يعترف به 0 وهو يرى ، من جهة أخرى أن القلق منبع للإبداع ، وأن قوة النفس تنبثق من نجاح الفرد في مواجهة الخبرات التي تثير القلق ، ولذلك فالقلق سبيل إلى نضج النفس الإنسانية وتفتحها عن طبيعتها العميقة الخلاّقة 0 إن هذه المسحة الفلسفية التي تظهر في حديث كير كيجارد عن القلق صادقة فيما يتصل ببعض حالاته ، إنه يقوم بوظيفة دافع قوي ، ولكنه يقود إلى الانسحاب أحيانا بدلا من الخلق والإبداع ، ويمكن أن يتطور إلى عصاب شديد الأثر 0