وضعت هذا البيت الشعري عنواناً لهذا الموضوع لأنني أرى ومن وجهة نظري الخاصة أنّ الكثير من الظواهر السلبية التي توجد في مجتمعنا والتي تصدر من فئة المراهقين على وجه الخصوص ترجع وفي المقام الأول لغياب القدوة الحسنة من قبل الوالدين .. وعدم تأدية أولياء الأمور للواجبات الملقاة على عاتقهم ألا وهي تربية أبناءهم تربية حسنة .. سأذكر لكم وفي هذا الموضوع بعض المواقف الحقيقة والتي حدثت بالفعل في مجتمعنا .. والتي تبيّن وبشكل كبير الأمر الذي تحدثت عنه سالفاً ألا وهو عدم وجود القدوة الحسنة في المنزل أو بالأحرى عدم فعاليتها وتؤثريها بشكل مباشر على الأبناء والتي تسبب في أحيان كثيرة ظواهر سلبية عديدة تصدر من قبل هؤلاء المغلوبين على أمرهم.
* في مدرسة من مدارس الدولة وهي بالتحديد مدرسة مخصصة للفتيات .. وفي أحد أيام العام الدراسي .. قامت إدارة المدرسة بمعاقبة طالبة من الطالبات بالفصل لمدة أسبوع بعد أن تم التأكد من تواجد هاتف متحرك معها وقيامها باستخدامه داخل حرم المدرسة .. والمعروف أنّ هذا الأمر غير متاح في مدارس الفتيات .. ولكن حدث أمر غريب بالفعل في اليوم التالي .. فقد حضر والد الفتاة إلى المدرسة والشرر يكاد أن يتطاير من عينه .. وأخذ ينعت إدارة المدرسة بأبشع الألفاظ لأنها قامت بفصل ابنته غير مبال بالمكان المتواجد فيه .. وبالرغم من علمه بأنّ ابنته قد استخدمت الهاتف في أمور سيئة من خلال إرسال بعض الرسائل القصيرة لبعض المدرسات والتي تحتوي على كلمات بذيئة إلا أنّ هذا الأمر لم يثنيه عن توجيه سيل من الكلمات الجارحة لمديرة المدرسة وذكر وبوقاحة شديدة أنه قام بنفسه بشراء الهاتف لابنته والتي لم تكمل بعد الخامسة عشر من عمرها وهي حُرة في استخدامه فيما تريد .. فما الذي نتوقعه من هذه الفتاة بعد أن تكبر قليلاً!!!
* أخذ والد شاب لم يكمل سن الرشد بعد يعنف ابنه وبشدة وفي أحيان كثيرة جاء ليضربه لأنه أكتشف أنّ ابنه يدخن السجائر منذ زمن .. وبعد أن هدأت ثورته جلس لينصح ابنه بعدم التدخين ويبيّن له خطورة هذا الأمر على صحته وأنه يجلب الأمراض العديدة .. وأنه لا يزال صغيراً على فعل مثل هذا الأمر .. وهو وفي نفس الوقت لا تكاد السيجارة تفارق فمه .. وتراه يدخن أمام أبناءه أيضاً .. لسان حالنا يقول في هذه الحالة .. من هو الشخص الذي يستحق النصح؟ هل هو الابن الغافل عن خطورة ما يقوم به والذي يطبق ما يراه يومياً من قبل والده .. أم على ولي الأمر العاقل .. والذي يعي خطورة التدخين والأهم من هذا كله .. أنه يعي الآثار السلبية التي سيتركها في نفوس أطفاله والذي يشاهدون أباهم يشعل السيجارة يومياً في البيت .. وهو في نفس الوقت ينصحهم بخطورة هذا الأمر!!!
* ((الكذب حرام)) .. عبارة وجهتها أم لابنها الصغير والذي قال لوالدته أنه سيكذب على معلمته ويأتي لها بعذر وهمي حتى يبرر غيابه عن المدرسة .. ولكن وفي يوم من الأيام .. وبعد اتصال إحدى صديقات الأم بها .. قالت الأم لابنها والذي قام بالرد على المكالمة .. قل لها أنني خرجت للتو من المنزل مع والدك بالرغم من وجدوها في هذا الوقت في المنزل .. إلا أنها لم تكن مستعدة لتلقي هذه المكالمة .. فما كان من الابن سوى ذكر هذا الكلام للمتصلة .. ولكن بعد حين .. جاء الطفل وبتفكيره البريء ليذكر والدته بموقف المدرسة وأنها ذكرت له أنّ الكذب حرام .. صعقت الأم من تفكير ولدها وكلامه .. ولم تعرف طبعاً بماذا ترد عليه وعلى استفساره هذا!!!
الغرض هنا من ذكر هذه المواقف الحقيقة هو توجيهنا لعتب شديد لمثل هذه النوعية من أولياء الأمور والذين لا يجعلون من أنفسهم قدوة حسنة حتى يقتدي بهم أبناءهم .. وحتى لا يقع ما لا يحمد عقباه من أبناء لم يجدوا القدوة الحسنة والنصح المطلوب من أقرب الناس لهم ألا وهم أولياء أمورهم .. ومما لا شك فيه .. فهناك فئة كبيرة من الأهالي ممن يجعلون من أنفسهم قدوة حسنة لأبنائهم .. مما يترتب عليه صلاح الأبناء وحسن خلقهم ولسبب بسيط .. لأنهم يشاهدون وبأم أعينهم الأشخاص الذين يكنون لهم الحب والاحترام ألا وهم الوالدين على خلق قويم .. وتصرفات سليمة .. وتربية حسنة نابعة من الإسلام الحنيف .. وكم أتمنى أن يتبع جميع أولياء الأمور الأساليب الصحيحة في تربية أبناءهم وأن يجعلوا من أنفسهم قدوة حسنة وبالتالي لن نجد الظواهر السلبية الناتجة من بعض المراهقين والتي نسمع بها بين الحين والآخر.