موضوع: مــســــ ـــــــــــ ــــــــــ ــــــــــــ ـــــــــ ـاءً 12th أغسطس 2007, 11:23 am
مساءً قد يعودُ البحرُ محمولاً على أجنحة الريح .. قد تطفو على الأمواجِ ذاكرةُ الملح .. بضعُ مراكب أخرى أصدافٌ وأعشاب وأشرعة لحلمٍِ واقفٍ في مرايا السحاب قد يُحلقُ في سماءٍ أكثر زرقة طيرٌ يشقُّ في جدارِ المسافةِ نافذةً تطلُّ على شاطئٍ للغياب
مساءً حين تمضي الطيور إلى غابةٍ من دخان وتمضي إلى ظلها الشجرات اللواتي احترقن بنار الغروب نجئ إلى صخرةٍ عارية نعلق في عنقها دمُنا موجة ونُلقي على كتفها الحجري عباءة أيامنا قد ترمي النوارس ظلها في فراغ المدى تلُمُّ فضاءها الكحلي عن أطراف هاجسنا وقد لا نجد الوقت لنبحث في رمل أسمائنا عن صدفٍ لنايات الصدى قد لا نجد البحر في كفنا لنمسك بالموجة الهاربة فنرحل في الماء والناي ونسأل .. ما الذي قد تبقّى من البحر فينا غير هدير الصدى ما الذي قد تبقّى من الخيل بين الضلوع غير شظايا الصهيل المكسر في جنبات المدى فاصعد أيها البحر واهبط في دوائر أيامنا مثل جبالٍ تناطح غيم السحاب المبعثر ما بين ريحٍ تهب على قوسِ أحلامنا وريح تكسّر أضلاعنا
مساءُ آخر يمشي في الأزقة التي تُضْيَقُّ كلما شقت خطاه لحمها الأغنيات غادرت فضاءها ومضت إلى ركنٍ مظلمٍ في شوارع آهلة .. بالسكون .. والصيادون عادوا صبيةً يمارسون لُعبةَ الجنون يخبئون في شباكهم صدف الحقيقة وفي عيونهم للحلمِ غابةٌ تكبرُ في فوضى جميلة وعادوا بحارةً تعلقوا بالبحر واعتلوا برجاً من الأمواج ومَضَوْ في عتمة مشبعة بالزرقة يشقون صمت الحياة .. من أيّ جهات ينساب نجم الآهات ويلامس أرضاً للتيه وبيوتاً آيلةً لسقوطٍ يأتي من أيّ زوايا ضيقة ينهض موجٌ يعقد بالحلم جناحيه مساءً تطوي المدينة خيمة أخرى تحدق في خلايا الماء تُبصر وجهها المشطور في المرآة فتطلق في فضاء الوقت عصفوراً يوزع سرها ينساب بحرٌ في أزقتها فتقطف من حقول الملح جرحاً وتنأى بأسوارها عن يديها كأن موجاً يؤرخ حزنها ليلاً ويُشعل في نعاس الرمل جمرة للظلّ الذي سوف يخرج من جلده سائراً يرقص بين السماء والأرض مزدحماً بفوضى غاباتٍ وأجراسٍ ونجومٍ رملية
مساءً قد يعود البحر من ترحاله الأبديّ حول مدائن مطمورة بالتيه يرمي إلى صخرٍ قديمٍ شبكة الريح يُعطي اللوحة ألواناً وخطوطاً متشابكة للحنين المسافر في جهات الريح بوصلة وللسور سرباً من عصافير مهاجرة ثم يغفو البحر عند عتبة منزلٍ مشى عليها الموجُ ذات ظُلمة مسكوناً برعشة الأيدي التي ستطلقُ في الهواءِ أصابعها صرخة