٧ أسر في الفيوم والشرقية تنتظر جثث أبنائها ضحايا الهجرة .. وتستعد لـ«الوداع الأخير»
١٠/١١/٢٠٠٧
سادت حالة من الغضب والحزن الشديدين بين أهالي قرية «شدموه» التابعة لمركز أطسا في الفيوم، بسبب عدم وصول جثامين ضحايا الهجرة غير الشرعية إلي إيطاليا.
كانت القرية فقدت ٦ من أبنائها في حادث غرق زورقين يقلان ١٨٥ شابا مصريا بالقرب من السواحل الإيطالية، وغطي الحزن وجوه أهالي القرية منذ تلقوا نبأ وفاتهم، وزادت أحزانهم بعد وصول ٥ جثامين لضحايا من الشرقية والقليوبية وبني سويف فجر أمس الأول، فيما لم تصل جثث ذويهم ولم يتلقوا إجابة شافية عن موعد وصولها.
وقال أحمد شعبان، الذي يعمل «عرضحالجي» أمام مجمع المصالح في الفيوم إنه فقد اثنين من أبنائه هما علي وإبراهيم، إضافة إلي ابن شقيقه عيد، وينتظر وصول جثامينهم، مشيرا إلي أنه فقد ابنيه الوحيدين ولم يتبق من أبنائه سوي ٥ بنات.
وقال الأب إن ابنه إبراهيم كان متزوجا ولديه ٣ أولاد.. وأضاف: «قبل سفره أقنع ابن عمه عيد محمد شعبان بالسفر الذي لم يكن راغبا فيه، لكن ظروف الحياة الصعبة أجبرته علي الاقتناع بالفكرة، فرهن منزله لتوفير نفقات السفر ليموت تاركا أطفاله محمود ورحمة وشاهيندا وزوجته نورا يواجهون صعوبة الحياة».
ولم يستطع والد عيد، الذي تجاوز الـ٧٠ عاما، أو والدته، الحديث لأن الدموع كانت تغلبهما والحزن يكسو وجهيهما، فيما قال شقيقه أحمد إن أخاه عيد كان يعلم أن الموت هو طريق الوصول إلي إيطاليا لكن الفقر هو الذي يدفع الشباب إلي السفر، وطالب المسؤولين بسرعة نقل الجثامين لأن تصريحاتهم المتكررة تثير قلق الأسر ولا تطمئنهم.
وطالب عبدالغفار حسن ابن خال أحد الضحايا، ومحمد حميدة ومحمود عبدالحميد من الأهالي، المسؤولين برحمة الضحايا بإعادة جثامينهم، مشيرين إلي أن الحكومة لم ترحم الشباب وهم أحياء فيجب عليها أن ترحمهم وهم في العالم الآخر.
أحمد رمضان نمر، الضحية الرابعة، فشل ٣ مرات من قبل في الوصول إلي إيطاليا لكنه نجا بحياته، وفي المرة التي اقترب فيها من شواطئ إيطاليا لم يمهله القدر لإكمال الرحلة، وينتظر أهله عودته جثمانا في نعش، وهو نفس موقف أسرة ابن خاله سيد سعد علي سعد، كما تنتظر أسرة محمد عيد رمضان في قرية «تطون» عودة جثمانه لتواريه التراب.
وفي الشرقية تنتظر أسرة محمد سمير عبدالحميد «١٨ سنة» تسلم جثمانه الذي وصل إلي مطار القاهرة بالفعل مع الجثامين الخمسة فجر أمس الأول، لكن أسرته لم تنه إجراءات تسلم جثمانه حتي بعد ظهر أمس، فيما يستعد أهالي القرية لتوديعه بعد وصوله إلي مثواه الأخير.
.. و٤ قري تودع الضحايا.. وأسر الغرقي تطالب بإعدام السماسرة في ميدان عام
المحافظات - مصباح الحجر ومحمد محمود خليل وعمر الشيخ وغادة عبدالحافظ:
ودعت ٤ قري في محافظات بني سويف والشرقية والقليوبية ضحايا الهجرة غير الشرعية، عقب دفن جثثهم أمس الأول، فيما طالبت أمس أسر الغرقي بإعدام السماسرة المتسببين في إغراء أبنائهم بالسفر إلي أوروبا بشكل غير شرعي في ميدان عام، واتهموا الحكومة بالفشل في التصدي لهذه الظاهرة، التي وصفوها بأنها أصبحت تنخر كالسوس في أحشاء المجتمع.
ومن جانبه تقدم المهندس إبراهيم أبوعوف نائب مجلس الشعب عن دائرة منية النصر، أمس الأول، بطلب موقع من ٢٠ نائبا إلي كل من رئيس الوزراء ووزراء الداخلية والخارجية والقوي العاملة لمناقشة القضية بعد تفشيها بصورة خطيرة. وفي القليوبية، ودعت قرية كفر عطالله مركز بنها «أمس الأول» سعيد عبدالعزيز الشحات ٢٢ عاماً- دبلوم فني تجاري واتشحت القرية بالسواد، وخيمت أجواء من الحزن علي أهلها، وقال عبدالعزيز الشحات «٦٠ عاماً» والد الضحية: «كان ابني سعيد وهو أصغر أشقائه لطفي وحامد وعربي، يائساً من حياته في مصر وكان يتمني أن يعيش حياة كريمة في بلده ولكنها لم تمنحه هذه الفرصة فقرر الهروب من هذا بالسفر».
ويضيف الشحات: «قلت له حرام عليك ما تسافرش إلا أنه أحد علي المغامرة بحياته من أجل حياة أفضل، خاصة أني علي قد حالي» ويطالب الشحات بمحاكمة كل من تسبب في وفاة ابنه بالإعدام في ميدان عام.
وفي الشرقية، احتشد ما يقرب من ٥ آلاف من أهالي قريتي أبوالعزوميت جابر لدفن جثثي حازم سعد حمدي، ٢٧ سنة، وفتحي صبحي عياد، ٢١ سنة، اللذين راحا ضحية السفر إلي إيطاليا، وظلت أسرتا تتلقي العزاء حتي وقت متأخر من منتصف الليل، وقال فتحي صبحي عياد، ٦٠ سنة، والد الضحية فتحي إن ابنه صغير علي الموت لكنها إرادة الله ويبلغ من العمر ٢١ سنة، وحاصل علي دبلوم صناعي في عام ٢٠٠٤ .
ويضيف والد الضحية أنه لم يعرف بسفر ابنه إلا عندما علم بوفاته.
ويقول محسن عبدالعزيز حسانين «٤٧ سنة» خال الضحية حازم سعد إن ابن شقيقته متزوج ونجله أحمد يبلغ من العمر «٥ سنوات» مشيرا إلي أنه سافر علي أمل توفير حياة كريمة لوالدته وشقيقتيه اللتين لم تتزوجا بعد وهما: مروة «١٧ سنة» ونيفين «٢٠ سنة» فهو الابن الوحيد ووالده توفي منذ ثلاث سنوات ويؤكد خال الضحية أن حازم باع مصاغ زوجته واقترض ٥ آلاف جنيه ودفع ١٠ آلاف لسيدة تدعي أم محمد وشهرتها حمامة وزوجها، والنتيجة أنه مات وترك ديوناً علي أسرته. وفي بني سويف شيعت قرية أهوه التابعة لمركز بني سويف جنازة محمد محمود فراج ضحية السفر إلي إيطاليا، وأسرة «فراج» تعتبر أول أسرة في القرية عرفت طريق الهجرة إلي إيطاليا، وأن مصطفي محمد أحمد محمد فراج شقيق محمد الغارق علي شواطئ موحشة في جنوب إيطاليا أول من سافر من عائلته منذ عام ٢٠٠١ واستطاع مصطفي، والذي عاد العام الماضي،
في تحقيق حلم الزواج من إحدي قريباته بالقرية الصغيرة وعقب الانتهاء من إجازته عاد إلي إيطاليا لينتظر وصول شقيقه محمد بكالوريوس التربية جامعة الأزهر «٢٧ سنة»، وسيد الأخ الأصغر الحاصل علي دبلوم الصنايع في إيطاليا وبعد وصول رسالة من شقيقيه عن قرب وصولهما يوم الأربعاء قبل الماضي عبر مركب تخصص في نقل الشباب الذي يرغب في الدخول إلي إيطاليا بطرق غير شرعية وعلي متنه ١٥٣ شاباً مصرياً من مختلف محافظات الجمهورية إلا أن القدر لم يحقق حلم محمد واصطدم المركب بصخرة قبل وصوله إلي الشاطئ هرباً من السلطات الإيطالية.
وداخل سرادق العزاء الذي أقيم بقرية أهوه في مركز بني سويف احتشد شباب القرية لتقديم واجب العزاء إلي مصطفي الذي عاد مرافقاً لجثمان شقيقه، ضحية عصابات التهريب الدولية، تاركاً شقيقه الثاني سيد في إيطاليا مصاباً بكسر في ذراعه واختفائه في إيطاليا.