الأنعام : هي البقر و الغنم و الماعز و الإبل ، و هي أصناف من الحيوانات خلقها الله عز وجل مسخرة ليتمكن من الاستفادة منها . و إلى ذلك يشير قوله تعالى : ( أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاماً فهم لها مالكون و ذللناها لهم )
و قد ذكرت بعض الآيات جملة من المنافع الأخرى على سبيل التذكير بالنعم : قال الله تعالى : skyblue]]( و جعل لكم من جلود الأنعام بيوتاً تستخفونها يوم ظعنكم و يوم إقامتكم و من أصوافها و أوبارها و أشعارها أثاثاً و متاعاً إلى حين ) [سورة النحل : الآية 80]. [/size]
و قال تعالى : ( و إن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث و دم لبناً خالصاً سائغاً للشاربين ) . [سورة النحل : الآية 66] .
في هذه الآية الكريمة يلفت الله نظرنا إلى ظاهرة عجيبة تحمل لنا العبرة من قدر الخالق جل جلاله .
فاللبن الذي يعتبر من أهم الأغذية عند الإنسان يخرج إلينا من بطون الأنعام بعملية مدهشة .
مصنع كيميائي داخل الأنعام :
اللبن يخرج إلينا من بطون الأنعام مدهش حقاً ، ما إن أنثى الأنعام تأكل العشب و التبن و الشعير و ما شابه ذلك ، فيختلط ببعضه في الكرش ، فيتكون من ذلك الفرث الذي نراه لو أننا فتحنا كرش حيوان مذبوح .
و هو عملياً عبارة عن السليلوز و مركبات غذائية مختلفة و مختلطة بقلورا الكرش . حيث يحدث بها تخمر و تغيير في تركيبها من جراء هدم قلورا الكرش لهذا السليلوز ، والمواد السكرية ، مما يؤدي إلى إنتاج ثلاثة أحماض دهنية ، وهي حمض الخليك و حمض البيوترك ، و حمض البرو بيونيك ، فتمتص الشعيرات الدموية المنتشرة حول الكرش هذه الأحماض ، و ذلك دون مرورها في القناة الهضمية إلى الأمعاء ، كما هو متبع مع باقي الغذاء ، فتصل إلى الغدد اللبنية و يحدث الآتي:
يزيد حمض الخليك من دهن اللبن . و يزيد حمض البيوترك من بروتين اللبن ، و يزيد حمض البروبيونيك من سكر اللبن . و وجود الدهن في اللبن هو السبب في وجود الطعم المستساع له . و كلما قلت نسبة الدهن قل إستساغة طعم اللبن عند الشرب . كما وجد أيضاً أنه كلما زادت نسبة السليلوز في الغذاء زادت نسبة حمضي الخليك ، و بذلك تزيد كيمة الدهن في اللبن و بالتالي ندى استساغته .
ثم إن إشارة القرآن الكريم إلى خروج اللبن سائغاً طيب الطعم . و خالصاً نقياً من اللون والطعم و الرائحة غير المرغوبة ، هذه الإشارة تدل على نعمة الخالق جل جلاله و قدرته ، و مما يلفت النظر أنك ترى غدتي الثديين تقومان تقومان بعلمية التصفية و التميز و الاختيار ، و انتخاب المواد النافعة و المغذية من الدم و الابتعاد عن المواد الضارة كالسموم ، و حمض البولة مع كونهما مختلطين بالدم ، و يسيران في الجسم مع مجاري الدم ، فتجتمعان اللبن في كيس الثدي انتظاراً لحلبه ، و تقديمه لبناً خالصاً سائغاً للشاربين ، بينما تقوم غدتان أخريان في الجسم و هما الكليتان بعكس هذا العمل فتقومان بامتصاص سموم الدم و حمض البولة من الدم لطرحه خارج الجسم عن طريق الجهاز البولة .
فسبحان الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى .
لقد أكمل الله عز وجل خلق كل شيء ، ثم هداه و ألهمه طريقة حياته ، و مصادر رزقه ، و علمه كيف يقوم بدوره ووظيفته مع بقية المخلوقات في هذه الحياة .
جزاك الله خيرا" هشام